ازمة الضمير والجو الغائم

Avatar
ازمة الضمير والجو الغائم

ازمة الضمير والجو الغائم

تتأثر انتاجيتنا كثيراً بمختلف العوامل، منها ما يزيدها ومنها ما يضعفها لدرجة اننا قد نمضي أياماً عديدة بلا أي انجاز يذكر، لكن يبقى هناك عامل كالسحر؛ يوقد داخلنا شعلة من الإنجاز لا تنطفئ وقد تجعلنا نعمل لساعات طويلة دون تذمّر ودون حتى ان ننظر للساعة بانتظار ان يمضي الوقت.

بعد هذا الوصف من المؤكد ان اول عامل تبادر لذهنك هو الشغف، لكن لا ويؤسفني ان أقول لك لا عزيزي القارئ.. لطالما كنّا دائماً نتحدث في نفس المساحة المشتركة سويّاً لكن هذه المرة لا بالخط العريض. لأنني سأطرح عليك عامل جديد وقد يكون امر فطري في الجميع. لكن دعنا الآن نسلّط عليه الضوء قليلاً كعامل مؤثر بدرجات متفاوتة من شخص لآخر.

دائماً ما يتردد على اسماعنا ”اتبع صوتك الداخلي“، لكن ما هو الصوت الداخلي تحديداً؟ ما الشيء الذي يمليه علينا ولمَ قد يتحمل البعض فوق طاقته ويحمل عبئاً فوق عبئ دون اي ميزة إضافية قد تتحقق من خلف هذا الجهد؟ ام هل للإنسان رغبة خفية وعلاقة تربطه بالشقاء؟

نعم… ان جميع الأجوبة لتلك الأسئلة هو الضمير، وهذا ما تقتضيه ضمائرنا في حقيقة الأمر، لكن دعنا في البداية ننظر إلي معنى الضمير لدى اهل العلم واللغة. حيث ان الضمير يعني مجموعة من القيم والأخلاق او المعرفة العملية التي تثير مجموعة من الارتباطات الشعورية والأخلاقية لدى الفرد فيما يتمحور دور الضمير حول التوجيه اذ كيف يمكن ان يمضي المرء في الحياة دون وجود صوت خفيّ يأتي من ذاك العمق داخله يخبره أي الطرق يسلك او أي الأفعال يتخذ؟

إن وجود الضمير شيء فطيري اصيل في كلٍّ منّا قبل ان يكون عامل نناقشه اليوم كأحد المؤثرات المحيطة بنا وتقود سلوكياتنا نحو وجهة او أخرى.

احياناً استغرب في المقابلات الوظيفية لمَ لا يحاول موظف التنمية البشرية ان يلاحظ وهج الضمير لدى الموظف خلال المقابلة عوضاً من النظر في مهارة العمل تحت الضغط او العمل لساعات طويلة، والتي مرنة في ظاهرها مرهقة في باطنها. إن وُجد الضمير فكل تلك الأمور الأخرى مسألة وقت. فالعمل تحت الضغط يشبه عضلات الجسد مع كل مرة وكل تمرين تزداد قوة ويزداد مستوى التحمل كما تزداد شدة التمرين القادم، اما الضمير فهو صوت لا ينقطع ولا يمل ولا يصيبه التعب نحو توجيهنا وحثّنا ويمكن ان يكون هو رهاننا على جودة الاداء ومدة البقاء على قيد الإنجاز والإنتاجية.

ازمة الضمير والجو الغائمقد نلاحظ انه كلما ”زان الجو“ ازدادت رغبة الموظفين بالخروج ومغادرة العمل او اخذ الإجازات، لكن نرى في المقابل حماس كبير واندفاع لديهم مجرد ان يبدأ الصوت الداخلي بالعمل ويبدا الضمير بإلقاء اثره السحري داخل كل فرد منا ليعيد الأولويات لمكانها الصحيح وتعود جميع الدروس داخلنا للعمل بالشكل الصحيح.

انا على الصعيد الشخصي أودّ ان انجز بقدر المستطاع كي استطيع الاستمتاع بما تبقّى لي من اليوم دون تأنيب ضمير، نعم… ذلك الصوت الذي يؤنبنا قد يفسد متعة أيام كاملة ويحيل خططها نحو الفشل، سواء شئنا أم لم نشأ فتلك فطرة الضمير التي تحركنا…

اكتب لك هذا المقال عزيزي القارئ بصوت ضميري الذي اخبرني ان الغيوم والجو الماطر اليوم قد يغوينا بالمغادرة، اما الآن فأنا انهي هذا المقال لأغادر بعد لحظات بالتأكيد؛ لكن بعد ان استجبت لذاك النداء داخلي.

دمت بضمير مرتاح..

التسوق

إقرأ المزيد

المزيد مثل هذا